~ يدٌ ممدودة ~
~ تعالى صوت ابواق السيارات ، و تعددت الإتجاهات ، بينما يسير عددٌ من الناس تحت ظلال
السماء الزرقاء التي تبعث على النفس البهجة و الإنشراح .
ربما ليست كذلك دائماً ، فقد تعددت وجوه النظر لبني البشر .
تمضي بيأس بين اشجار الحديقة الخضراء تنظر للدنيا بعيونٍ أخرى ، فهاهي لا تزال تتنقل من حياةٍ
إلى أخرى ، تعلم أنها ليست الوحيدة و لكن ذلك لم يزدها سوى يأس .
ليس الجميع يحصلُ على مأوى فيه كل ما يحتاجه المرء .
إذن لابد بأنها لن تحصل على واحد .
فاليستلم روحها ملك الموت فذلك أرحمُ لها من أن تعيش بين غياهب الزمان .
مستلقية على أرض الحقيقة ، طائرةً في عالم الخيال حيث ترى الدنيا قد صارت بأمان ،
و لكن هيهات فعاصفةُ الجوع قد قصفت بها ،
و دمرت بنايات خيالها ، لتلقي نظراتها بعنف في واقعٍ قاسي .
تحركت نظراتها بسرعة لتستوعب أين صارت .
ايقنت أن روحها لم تفارق الدنيا ،
و معدتها تناجيها لتعطيها بعض الطعام ،
و حنجرتها تترجى منها أن تسقيها بضع قطراتٍ من الماء .
نهضت على قدميها ، ليهجم عليها تيارٌ من الصداع .
لن تقع الآن عليها أن تواصل . توقفت لبرهه ، هي تريد الموت .
لما تحارب إذن ؟
تبسمت بسخرية لن يمكنها أن تتحدى الألم ، إنها اضعف من ذلك .
عاودت الخطى ببطء و ضياع .
ماذا بإمكانها أن تفعل الآن ؟
مدت كفيها النحيلين تتلمس جيوب سترتها البنية الطويله ،
احتظن كفيها قطعةُ من الورق ، لا تعلم إن كانت ستكفيها .
رمقتها لفتره حتى ارتسم على وجهها الممتلئ بالغبار ابتسامةٌ ساخرة ،
فهل لورقةٍ نقديةٍ واحدة أن تطعمها و ترويها ؟!
لم تهتم و سارت ناحية اول محلٍ صادفها يرمقها الناس بمختلف النظرات .
جالت ببصرها بمحتوياته ،
و سألت بصوتٍ مبحوح بصعوبه عن شيءٍ يمكنها أن تأخذها بتلك الورقة .
خرجت حاملةً بين كفيها كعكةً صغيرة و علبة عصير .
لم يمكنها عمل شيء سوى الجلوس على قارعة الطريق و التهام ما حوته يداها بسرعه
لشدة جوعها و عطشها ، و لكنها لا تزالُ تعاني منه .
تفاجأت بتلك اليد التي تمتدُ إليها .
نظرت إلى صاحبها . فتاة في مقتبل العمر ترمقها بابتسامة ، لتقول :
دعيني اساعدك .
تلقائياً وجدت نفسها تمسك بيد الفتاة لتنهض بنظراتٍ حائرة .
وجدت في تلك النظرات الجديدة دفئاً مختلفاً عن حرارة الصيف المرتفعة .
شعورٌ جديد تغلغل في اعماق نفسها .
تقبلاً تلقائياً لمن ساعدتها باسمةً .
أملٌ بعث الحياة في نفسها .
عاشت بين اشخاصٍ لا يعرفون الرحمة ،
و لكن دخل إلى عالمها شخصٌ مختلف جعل لحياتها طعمٌ و وئام .
لم تعد هي ذاتها حياتها القاسية ،
فقد استقبلتها الأخوة الحانية بين فتياتٍ لهن العديد من الصفات ،
لكنهن اشتركن في تلك الأخوة التي لم يعد الناسُ يلتفتون إليها .
إنها التي غيرة مسرى حياتها .
صارت حياتها مرجاً أخضراً يعتليه سقيفةٌ زرقاء تغطيها الغيوم ،
و يهب فيه تيارٌ من الراحة و السرور .
ربما هي مجرد مساعدةٌ لشخصٍ قاسته الهموم ،
و لكنها كانت له شيئاً عظيماً حرره من السجون ،
فرفع يديه شاكراً .
و لربما غفت عينه عن الدنيا و بقي ثغره باسماً لإنجلاء الهموم ،
و اعتلاء الراحة منصة الحكم .
إنهن مجرد فتيات قد تعاون تحت مسمى الأخوة فصرن في حالٍ يسير بعد معاناةٍ قاسينها بصبر .
عملن بجد و حرص فهن لسن لوحدهن ،
إن هنالك من ينتظرون المساعدة في كل مكان و لابد لهن من أخذ ذلك في الإعتبار ،
فلا يتكبرن بعد تحسن اوضاعهن و لا يستلمن عند تدهورها .
جميعهن صرن كالجسد الواحد إن إشتكى جزءٌ صغيرٌ منه صرن له ناصراً و معينا .
إنها الأخوة و التعاون لأجل كسب رضى الله .
ليس لإفساد الدنيا و إقامتها .
فقط يدٌ ممدودة لمن احتاجوا المساعدة
النهاية ~
لكم مني اعطر التحايا .